روائع مختارة | واحة الأسرة | صحة الأسرة | الصحة النفسية للطفل المسلم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > صحة الأسرة > الصحة النفسية للطفل المسلم


  الصحة النفسية للطفل المسلم
     عدد مرات المشاهدة: 3370        عدد مرات الإرسال: 0

لعل الهدف الأساسي من وراء عملية التربية بكافة صورها ومجالاتها يصب في النهاية في دعم النمو النفسي للطفل.

 

فالإشباع المادي لمتطلبات جسده من الطعام والشراب والملبس ونحو ذلك هي خطوة أولية لتحقيق الأمن النفسي.

كما أن التربية الوجدانية تهدف إلى صناعة إنسان متوازن من الناحية العاطفية وهي أحد جوانب الصحة النفسية.

ولاشك أن التربية الإيمانية والتعبدية هي صمام أمان لطفل سوي نفسيا تماما كما أراد الله عز وجل له.

وتهدف التربية الاجتماعية لنشأة طفل متكيف مع البيئة المحيطة به متزن في سلوكه وردود أفعاله والتكيف والتوافق هو أحد السمات الأساسية للشخصية التي تتمتع بالصحة النفسية.

فجميع الجهود التي تبذل لتربية الطفل في كافة مناحي حياته تهدف في النهاية لتشييد صرح النفس وليس هذا بالأمر الهين فلقد قضى نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاما يبذل كافة الجهود في الدعوة والإصلاح وعلى الرغم من ذلك كان لقوى الكفر والطغيان في مجتمعه من قوة التأثير الاجتماعي ما منع دعوة الحق من أن تصل لقلب ابنه الذي حكى عنه القرآن الكريم.

ولئن كانت الهداية أولا وأخيرا منحة إلهية إلا أن ذلك لا يمنع من أن هناك أسباب أودعها الله لتحقيق ذلك، وأن المربي الذي يسعى لتربية طفل سوي سليم الفطرة في مجتمع السماوات المفتوحة عليه أن يبذل جهدا لا ينبغي الاستهانة به.

لابد إذن من اليقين بأن مفاتيح القلوب والأرواح بيد الله عز وجل فيكون دعاؤنا الدائم الذي نلهج به لربنا عز وجل: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]، وعلينا أن نعلم أن نفس الطفل خضراء بريئة يسهل التأثير فيها وقد يكون التأثير سلبيا أو إيجابيا «كل مولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» رواه البخاري ومسلم.

وقد لا يستطيع الطفل الصغير التعبير عن مأزقه النفسي لعدم امتلاكه أدوات التعبير المناسبة، ولكنه يعبر عن نفسه عن طريق أعراض جسدية تؤلمه ذات مصدر نفسي وليس عضويا، أو بحيل نفسية دفاعية قد تؤثر في سلامه النفسي الداخلي في مراحل لاحقة من النمو.

 

قواعد أساسية:

= الطفل مهما كان صغيرا لابد أن يتم التعامل معه بدرجة كافية من الاحترام والتقدير وهي حاجة أساسية للنمو؛ فالحاجة للتقدير والحب تلي مباشرة الحاجة إلى الطعام والشراب؛ فينادى الطفل باسمه الذي أحسن والديه اختياره وربما رخما الاسم تدليلا ففاطمة تنادى فاطم بلهجة خفيفة مرحة أو بأي من اللهجات الدارجة، أو نقول له يا حبيبي.. يا قلبي ونحو ذلك من الكلمات العاطفية التي تمنح الطفل مشاعر الحب التي يحتاجها.

ومن مقومات التقدير ألا يستهزأ به مطلقا فكم من جراح غائرة سببها المزاح الثقيل الممزوج بالاستهزاء من شكل الطفل أو شخصيته.

ويرتبط بذلك عدم سب الطفل وتوجيه الألفاظ النابية إليه فهذا العنف اللفظي من أشد الأمور التي تدمر الشخصية وهو محرم شرعا بل إن ضربة خفيفة بالسواك على اليد ونظرة غاضبة في حال ارتكاب الطفل فعلا يستحق العقوبة وذلك بعد الشرح والتبيين أفضل بكثير من كلمات التحقير والتوبيخ التي قد يستخدمها بعض المربين.

= ومن الأمور المرتبطة بالنقطة السابقة والتي تحتاج لمزيد من التوضيح لأهميتها الشديد كما أنها ممارسة تربوية شائعة رغم خطئها ألا وهي مقارنة الطفل بغيره من الأطفال كإخوته وأقرانه هذه المقارنة التي غالبا ما تكون في غير صالح الطفل ويقول ممارسو هذه العادة أنهم يهدفون من وراء ذلك لتشجيع الطفل ومنحه الدافعية والحقيقة أنهم يغرسون بذور الحقد والغيرة والشعور بالنقص في نفس الطفل وإذا كان لابد من ذكر الآخرين فليذكروا دون عقد المقارنة ولنعلم أن هناك فروق فردية شاسعة بين الأطفال وأن هناك أنواع متعددة من الذكاء وأن ما يشغلنا في المقام الأول هو تربية طفل صالح متزن نفسيا.

= التوازن بين إشباع الحاجات المادية والحاجات الروحية للطفل؛ فالطفل كإنسان له حاجات مادية لابد من إشباعها كلازمة من لوازم وجوده البشري «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» رواه أحمد ويرى الكثير من خبراء التربية أنه يكفي إشباع 70% من مطالب الطفل حتى لو كانت جميعها منطقية وذلك حتى لا تفقد الأشياء مذاقها ويتحول لطفل مدلل فلابد أن يشعر دائما أنه على الرغم من إشباع معظم حاجاته إلا أن هناك أشياء يتمناها وعليه بذل الجهد من أجل تحقيقها.

كذلك فإن الحرمان الشديد له عواقب وخيمة فالحرمان يولد الحقد وهو مصدر الشرور والآفات النفسية وقد يقود الطفل إلى السرقة.

وهذه الحاجات المادية تسير بالتوازي مع إشباعات الروح فنقول له: لا معنى لألذ طعام ما لم نذكر اسم الله عليه، وهذه النعم الكثيرة لابد أن نشكر الله تعالى عليها واحتياجاتك التي تريدها اسأل الله تعالى أن يحققها لك.

 

تكامل التربية

ونعني بهذا التكامل أن يتم الاتفاق بين الأم والأب على الأسلوب المناسب للتعامل مع الطفل وقد يشترك آخرون كالجد والجدة إذا كان لهم دور فاعل في عملية التربية كما أنه من المفضل أن يكون هناك علاقة جيدة مع المعلمين بحيث يستطيع الوالدين أن يوضحوا للمعلم بعض معالم شخصية الطفل وأسلوب التربية المتبع معه وفي الوقت نفسه يزودهم المعلم بأي ملاحظات تطرأ على سلوك الطفل.

وتزداد الحاجة لعملية التكامل في حال طلاق الوالدين أو وجود خلافات عميقة بينهما إذ ينبغي أن تكون مصلحة الطفل فوق هذه الخلافات ولا يتخذ غرضا في الحرب الخفية أو المعلنة بين الطرفين ولا ينبغي بحال تشويه الطرف الثاني وتشكيك الطفل في حب أحد والديه له لأننا بذلك نعرضه لهزة نفسية عنيفة ناتجة عن إحساسه بافتقاد الأمان.

ولابد من أجل نجاح عملية التربية من الناحية النفسية أن يعايش المربي مشاعر الطفل ويتفهم احتياجاته فيلعب قليلا مع الصغير ويداعبه كما كان يفعل النبي صلى الله عله وسلم ولننظر بتمعن لحديث انس وهو يحكي كيف كان يراعي النبي الجانب النفسي للأطفال الصغار فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وَكَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمًا وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟!» نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ. رواه البخاري.

كما ينبغي على المربي أن يحاول أن يتقمص شخصية المراهق الذي يريد أن يثبت نفسه ويقترب من عقليته التي تختلف بالطبع عن عقلية الإنسان الناضج وكلما تمثل المربي شخصية الطفل وتفهمها كلما نجح أكثر في التعامل معها وأحسن توجيهها ليصل بها إلى مرحلة الصحة النفسية.

 

الكاتب: فاطمة عبد الرءوف.

 

المصدر: موقع رسالة الإسلام.